التزوير: زيف الحقائق أمام عدالة النظام

المحامية المتدربة: بشرى بنت مبارك آل زعير

في عالم القانون، تُعد الوثائق والمستندات ركائز أساسية لإثبات الحقوق وتبيان الوقائع. إلا أن التزوير قد يُلقي بظلاله على هذه الركائز، مهددًا مصداقية الأدلة وسير العدالة. في هذا المقال، نسلط الضوء على جريمة التزوير في نظام الإثبات السعودي، وكيفية تعامل النظام معها من حيث الضوابط والإجراءات.

عرّف النظام الجزائي لجرائم التزوير في مادته الأولى بأنه: كل تغيير للحقيقة بإحدى الطرق المنصوص عليها في هذا النظام ـ حدث بسوء نية ـ قصداً للاستعمال فيما يحميه النظام من محررٍ، أو خاتمٍ، أو علامةٍ، أو طابعٍ، وكان من شأن هذا التغيير أن يتسبب في ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي لأي شخص ذي صفة طبيعية أو اعتبارية.

فالتغيير المتعمد للحقيقة في الوثائق والمحررات، بهدف الإضرار بالآخرين أو تحقيق مكاسب غير مشروعة.

والتزوير لا يقتصر على التغيير المباشر في الوثائق، بل يشمل أيضًا التوقيع نيابة عن الغير دون إذن، أو إنشاء مستندات وهمية.


طرق التزوير

1 - صنع محررٍ، أو خاتمٍ، أو علامةٍ، أو طابعٍ، لا أصل له أو مقلدٍ من الأصل أو محرَّفٍ عنه

2- تضمين المحرر خاتماً، أو توقيعاً، أو بصمة، أو علامة، أو طابعاً، لا أصل له أو مقلداً من الأصل أو محرفاً عنه

3- تضمين المحرر توقيعاً صحيحاً أو بصمة صحيحة، حصل على أي منهما بطريق الخداع

4- التغيير أو التحريف في محررٍ، أو خاتمٍ، أو علامةٍ، أو طابعٍ، سواء وقع ذلك بطريق الإضافة، أو الحذف، أو الإبدال، أو الإتلاف الجزئي للمحرر الذي يغير من مضمونه.

5- التغيير في صورة شخصية في محرر، أو استبدال صورة شخص آخر بها.

6- تضمين المحرر واقعة غير صحيحة بجعلها تبدو واقعةً صحيحة، أو ترك تضمين المحرر واقعةً كان الفاعل عالماً بوجوب تضمينها فيه.

7- تغيير إقرار أُولي الشأن الذي كان الغرض من تحرير المحرر إدراجه فيه.

8- إساءة استخدام توقيع أو بصمة على بياض اؤتمن عليه.


عبء إثبات التزوير

على الخصم الذي يدعي التزوير عبء إثبات ادعائه، أما من ينكر صدور المحرَّر العادي منه أو ينكر ذلك خلفه أو نائبه أو ينفي علمه به، فيقع على خصمه عبء إثبات صدوره منه أو من سلفه.


نظام الإثبات ليس فقط أداة تنظيمية لإثبات الحقوق، بل ينسجم مع الأنظمة الأخرى لضمان حماية العدالة. فالتزوير يعتبر جريمة جنائية خطيرة يُعاقب عليها نظام مكافحة التزوير السعودي.


العقوبات القانونية للتزوير

تزوير الأختام والعلامات:

- من زوّر خاتم الدولة، أو خاتم الملك، أو ولي العهد، أو رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو خاتم الديوان الملكي، أو ديوان ولي العهد؛ يعاقب بالسجن من ثلاث إلى عشر سنوات وبغرامة لا تزيد على مليون ريال.

- من زوّر خاتماً أو علامةً منسوبة إلى جهة عامة، أو إلى أحد موظفيها بصفته الوظيفية، أو زوّر خاتماً أو علامة لها حجية في المملكة عائدة لأحد أشخاص القانون الدولي العام أو لأحد موظفيه بصفته الوظيفية؛ يعاقب بالسجن من سنة إلى سبع سنوات وبغرامة لا تزيد على سبعمائة ألف ريال.

- من زوّر خاتمَ جهةٍ غير عامة، يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

تزوير الطوابع:

- من زوّر طابعاً يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز خمس سنوات، وبغرامةٍ لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، مع إلزامه بدفع ما فوته على الخزينة العامة من مبالغ.

- من أعاد استعمال طابعٍ سبق تحصيل قيمته، يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وبغرامةٍ لا تزيد على ثلاثين ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، مع إلزامه بدفع ما فوته على الخزينة العامة من مبالغ.

تزوير المحررات:

- من زوّر محرراً منسوباً إلى جهة عامة أو أحد موظفيها بصفته الوظيفية، أو إلى أحد أشخاص القانون الدولي العام أو أحد موظفيه بصفته الوظيفية إذا كان للمحرر حجية في المملكة؛ يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال.

من زوّر محرراً عرفيًّا، يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

من زوّر محرراً منسوباً إلى الملك، أو ولي العهد، أو رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه؛ يعاقب بالسجن من ثلاث إلى عشر سنوات وبغرامة لا تزيد على مليون ريال.


من زوّر سنداتٍ أو أوراقاً ذات قيمة مما تصدره الخزينة العامة، يعاقب بالسجن من سنتين إلى سبع سنوات وبغرامة لا تزيد على مليون ريال، مع إلزامه بدفع ما فوته على الخزينة العامة.

كل موظفٍ عامٍّ زوّر محرراً مما يختص بتحريره، يعاقب بالسجن من سنة إلى سبع سنوات وبغرامة لا تزيد على سبعمائة ألف ريال.

من زوّر أوراقاً تجارية، أو مالية، أو الأوراق الخاصة بالمصارف، أو وثائق تأمين؛ يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على أربعمائة ألف ريال.

من زوّر أو منح (بحسب اختصاصه) تقريراً أو شهادةً طبيةً على خلاف الحقيقة مع علمه بذلك؛ يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

كل مختص زوّر في أوراق إجابات الاختبارات الدراسية أو بيانات رصد نتائجها، يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على ستين ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

من زوّر في محرر معدّ لإثبات حضور الموظف إلى عمله أو انصرافه منه؛ يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد على ثلاثين ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

من استعمل حكماً أو أمراً قضائياً أو وكالة صادرة من جهة مختصة انتهت صلاحيتها، وكان عالماً بذلك، وقاصداً الإيهام بأنها لا تزال حافظةً لحجيتها النظامية، وترتب على هذا الاستعمال إثبات حقٍّ أو إسقاطه أو حدوث ضررٍ للغير؛ يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

من زوّر وثيقة تاريخية، يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ثمانية أشهر وبغرامة لا تزيد على ثمانين ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.


التزوير والإثبات في العصر الرقمي

ومع التطور التقني، أصبحت قضايا التزوير أكثر تعقيدًا، خاصة في الوثائق الرقمية. ولأن نظام الإثبات السعودي مواكب لهذا التطور، فإنه يعترف بالأدلة الرقمية كوسيلة للإثبات كما نص في المادة الخامسة والخمسون بشرط استيفاء معايير الأمانة والموثوقية المنصوص عليها في النظام.

ختامًا...

القانون والعدالة فوق كل اعتبار، فإن التزوير، بأشكاله كافة، هو تهديد مباشر لمبادئ العدالة ومصداقية النظام القضائي. لكن نظام الإثبات السعودي يثبت قوته من خلال الإجراءات الصارمة والأدوات الحديثة التي يتيحها لكشف التزوير وحماية الحقيقة فإن احترام الوثائق والأدلة ليس مجرد التزام قانوني، بل هو جزء من الأمانة.

الاجتماعية والأخلاقية التي تُبنى عليها الثقة بين أفراد المجتمع. فبينما قد تنجح محاولات التزوير في خداع البعض لفترة، يظل صوت العدالة مدعومًا بنظام قوي يكشف زيف الأوراق ويعيد الحقوق إلى أصحابها.


المحامية المتدربة: بشرى بنت مبارك آل زعير


登录 留下评论
أصل المطالبة في عقود المضاربة
المحامي/ مرزوق سعيد الحقباني