تعريف جريمة غسيل الأموال طبقاً للنظام السعودي

المستشار / عصام الدين احمد الطيب

      تعريف جريمة غسيل الأموال طبقاً للنظام السعودي:

حيث عرفت جريمة غسيل الأموال بأنها ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه بقصد إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافًا للشرع أو النظام، وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر، سواء كان ذلك داخل المملكة أو خارجها.


أي تحويل الأموال أو نقلها أو إجراء أي عملية بها، مع العلم بأن تلك الأموال ناتجة عن متحصلات جريمة، لأجل إخفاء مصدرها غير المشروع أو تمويله، أو لمساعدة شخص متورط بارتكاب الجريمة الأصلية التي نتجت عنها تلك الأموال، تشمل اكتساب الأموال أو حيازتها أو استعمالها، مع العلم بأنها ناتجة عن جريمة ومصدر غير مشروع.


 إخفاء، أو تمويه طبيعة الأموال، أو مصدرها، أو ملكيتها، أو مكانها، أو طريقة التصرف فيها، مع العلم أنها ناتجة عن متحصلات جريمة. وكذلك يجرم أيضا الشروع بارتكابها أو التحريض عليها.


فأساس الجريمة يدور حول ((هي عملية تحويل الأموال الناتجة عن أنشطة إجرامية (مثل الرشوة، الاختلاس، المخدرات، الاحتيال، التهرب الضريبي...) إلى أموال تبدو قانونية، بهدف إخفاء مصدرها غير المشروع)).


حيث إن هذا التعريف هو ما اشارت إليه المادة الثانية من نظام مكافحة غسل الأموال الجديد، الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/20 لعام 1439هـ، والمتمثلة بما يلي:

فالنظام لم يقتصر على تجريم الشخص الطبيعي في جريمة غسيل اموال في النظام السعودي، فإن الشخص الاعتباري يعتبر ايضاً مرتكباً لجريمة غسيل الأموال وفقاً لما نصت عليه المادة (3) من نظام غسيل الأموال ، إذا ما ارتكب تلك الجرائم باسمه، دون الإخلال بالمسؤولية الجنائية للمديرين، أو أعضاء مجلس الإدارة ،أو المالكين أو العاملين في الشركة أو المؤسسة ، الأمر الذي يجعل ضرورة توافر اركان الجريمة امر ضروري لتوجيه الاتهام واثبات الإدانة بناءً على هذه الجريمة لذلك يجب عدم التوسع في تفسير ما نصت عليه المادة أعلاه والاقتصار على ما ورد في نص المادة الثانية من نظام غسيل الأموال الجديد، الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/20 لعام 1439هـ. والتي تنحصر أركانها في الاتي:


 أركان جريمة غسل الأموال في النظام السعودي

جريمة غسيل الأموال مثلها مثل بقية الجرائم تنقسم أركانها إلى ركنين، هما الركن المادي والركن المعنوي.

الركن المادي لجريمة غسل الأموال في السعودية ويتكون من الفعل والنتيجة الجرمية والرابطة السببية بينهما.

الفعل: ويمثل كافة التصرفات التي يقوم بها الشخص لإخفاء وتمويه المصدر غير المشروع للأموال أو لمساعدة في ارتكاب الجريمة أي في كل تلك الأفعال سواء كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.


النتيجة الجرمية: وتتمثل بالوصول إلى إخفاء وتمويه المصدر غير المشروع للأموال، أو مساعدة الجاني للإفلات من العقاب باي طريقة.

الرابطة السببية: وهي النتيجة الجرمية المتمثلة بإخفاء أو تمويل مصدر الأموال نتيجة التصرفات المباشرة للفاعل.


الركن المعنوي لجريمة غسل الأموال في السعودية

فالركن المعنوي يعتبر هو الإرادة الفاعل إلى ارتكاب الجريمة مع العلم بأركانها ونتيجتها، إلا أنه يجب أن يكون عند قيامه بالفعل المجرم عالمًا علمًا يقينًا غير مقترن بأي جهالة بأن فعله سوف يحدث عملاً إجراميًا يعاقب عليه النظام، أي يجب توافر النية الاجرامية والقصد الجنائي فالرغم من انهما لا يلاحظ أي فرق بينهم إلا أن هنالك فرق بسيط يتمثل في الاتي:


النية الجرمية: وتتوافر لدى الجاني، بمجرد علمه أن ما يقوم به من أفعال تشكل جريمة يعاقب عليها النظام، ومع ذلك يقوم بارتكابها.

القصد الجنائي: ويتوافر لدى الجاني، بمجرد انصراف إرادته إلى تحقيق النتيجة الجرمية المتمثلة بإخفاء وتمويه المصدر غير المشروع للأموال، أو مساعدة الجاني في الإفلات من العقاب.


مع مراعاة ما نصت عليه المادة (4/2) من نظام غسيل الأموال التي جاء فيها ((- يُتحقق من القصد أو العلم أو الغرض في ارتكاب جريمة غسل الأموال من خلال الظروف والملابسات الموضوعية والواقعية للقضية.)) وهذا يعني بأن القصد الجنائي والعلم يمكن استنتاجه والتوصل ليهم من خلال الظروف والملابسات.


فالملاحظ أن هذه الجريمة لا يمكن تخيل وجودها الا بتوافر أركانها وفقاً لنظام غسيل الأموال، لذا نجد أن النظام قد شدد فيها العقوبة لخطورتها على المصلحة العامة فالعقوبة الأصلية لجريمة غسيل الأموال في السعودية تتمثل بالسجن مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز 10 سنوات، والغرامة بما لا يزيد على 5,000,000 ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.


ويتم تشديد تلك العقوبة وفقاُ لما نصت عليه المادة (27) من نظام غسيل الأموال وذلك لتصل إلى السجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تجاوز 15 سنة، والغرامة بما لا يزيد على 7,000,000 ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك في حال اقتران جريمة غسل الأموال بالأفعال التالية:


ارتكابها من قبل جماعة إجرامية منظمة.

ارتكابها باستخدام العنف أو الأسلحة.

ارتكابها من موظف عام أو نتيجة استغلال السلطة والنفوذ.

ارتكابها من خلال الاتجار بالبشر.

ارتكابها من خلال استغلال قاصر.

ارتكابها عبر مؤسسة إصلاحية أو خيرية أو تعليمية.

إذا كان هناك حكم سابق سعودي أو أجنبي صادر بحق الجاني في تلك الجريمة.


ويتم تخفيف العقوبة إذا ما بادر مرتكب الجريمة لإبلاغ السلطات المختصة قبل علمها بها، أو عن مرتكبيها، وأدى بلاغه إلى ضبطهما، وضبط الأموال أو المتحصلات الناتجة عن الجريمة.

وأما العقوبات الإضافية فتتمثل بمنع السعودي المحكوم عليه بعقوبة السجن في جريمة غسل أموال من السفر إلى الخارج مدة مماثلة لمدة السجن المحكوم عليه بها. وبالنسبة لغير السعودي، فيحكم بإبعاده بعد تنفيذ العقوبة المحكوم عليه بها، ولا يسمح له بالعودة إلى المملكة.


وأما عقوبة الشخص الاعتباري فتتمثل بالغرامة بما لا يزيد على 50,000,000 ريال ولا تقل عن ضعف قيمة الأموال محل الجريمة، مع جواز معاقبته بمنعه بصفة دائمة ومؤقتة من القيام بالنشاط المرخص له، أو بإغلاق مكاتبه التي اقترن استخدامها بارتكاب الجريمة بصفة دائمة أو مؤقتة.


وذلك وفقاً لما نصت عليه النظام حيث جاء في المادة (31) من نظام غسيل الاموال:

1- مع عدم الإخلال بالمسؤولية الجنائية للشخص ذي الصفة الطبيعية، يعاقَب أي شخص ذي صفة اعتبارية يرتكب جريمة غسل الأموال بغرامة لا تزيد على خمسين مليون ريال سعودي ولا تقل عن ضعف قيمة الأموال محل الجريمة.


2- يجوز معاقبة الشخص ذي الصفة الاعتبارية بمنعه بصفة دائمة أو مؤقتة من القيام بالنشاط المرخص له به بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو بإغلاق مكاتبه التي اقترن استخدامها بارتكاب الجريمة بصفة دائمة أو مؤقتة، أو بتصفية أعماله.



المستشار / عصام احمد الطيب

تسجيل الدخول حتى تترك تعليقاً
براءة الاختراع في النظام السعودي
المحامية \ شوق محمد باطرفي