دراسة قانونية تحليلية في ضوء نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية
مواقع التواصل الاجتماعي من أكثر الوسائل تأثيرًا في حياة الفرد والمجتمع، إلا أن هذا التأثير لا يخلو من وجود التجاوزات التي تُشكّل أفعالًا مجرّمة نظامًا، ومن أبرزها السب والشتم داخل تلك المواقع والمنصات.
تهدف هذه الدراسة إلى بيان التكييف النظامي للسب والشتم عبر المنصات الرقمية، والتفرقة بين الحق العام والحق الخاص في هذا النوع من الجرائم، وبيان العقوبات النظامية المقررة لها، وتدعيمها بالنصوص النظامية ذات الصلة.
التعريف بالسب والشتم
السب: هو النيل من كرامة الشخص أو الحط من قدره بكلمات تتضمن الإهانة أو التقليل من الشأن، دون استخدام ألفاظ فاحشة أو بذيئة.
الشتم: هو التلفظ بالكلمات الفاحشة أو النابية والتي تحمل إهانة صريحة تمس الكرامة، وغالبًا ما تكون جارحة وتُعد تعديًا سافرًا على الشخص.
ملاحظة: كل شتم يُعد سبًا، ولكن ليس كل سب يُعد شتمًا.
التكييف النظامي للجريمة
يُعد السب أو الشتم عبر مواقع التواصل من الجرائم المعلوماتية التي نص عليها نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية. وتحديدًا المادة الثالثة – الفقرة (5)، والتي تنص على: يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل شخص يرتكب أيًا من الجرائم المعلوماتية الآتية:
(5) التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة.
وحيث تنطبق هذه المادة على جميع التطبيقات والمنصات الرقمية مثل: تويتر، إنستغرام، سناب، واتساب، تيك توك وغيره.
الفرق بين الحق العام والحق الخاص
الحق العام:
الحق الذي تُطالب به الدولة نيابةً عن المجتمع، بهدف حماية الأمن والنظام العام بضمان تطبيق النظام وتمثله النيابة العامة، ولا يسقط بتنازل المجني عليه.
الحق الخاص:
هو حق المجني عليه الخاص بحقه، ويهدف لتعويضه عن الضرر المادي أو المعنوي، ويسقط الحق بالتنازل.
شروط تحقق الجريمة
وجود الإهانة أو اللفظ المسيء صراحة أو ضمنًا.
توفر القصد الجنائي فيثبت النية بالإهانة أو الإساءة.
استخدام وسيلة إلكترونية.
متى يثبت حق المجني عليه بالتعويض
يود التنويه عليه أن يشترط لطلب التعويض المنصوص في نظام المعاملات المدنية بالمادة العشرون بعد المائة والتي تنص على: كل خطأٍ سبب ضررًا للغير يُلزم من ارتكبه بالتعويض
وللتعويض لابد من وجود أركان ثلاث:
تحقق الضرر
وجود الخطأ
رابطة سببية بين الضرر والخطأ
من خلال ما سبق إيراده، تتجلّى ملامح الحزم والانضباط في توجه نظام المملكة العربية تجاه جرائم السب والشتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث رسم المشرّع بإحكامٍ أطرًا نظامية واضحة، وأقرّ عقوبات صارمة تكفل الردع وتحفظ الكرامة. كما أولى اهتمامًا بالغًا بحقوق المتضررين، بإتاحة سُبل المطالبة بالحق الخاص، في تناغمٍ قانوني رائع يعكس التوازن الدقيق بين صيانة الحقوق الفردية، وحماية النظام العام، وترسيخ المبادئ الأخلاقية داخل الفضاء الرقمي.
المحامية المتدربة: بشرى بنت مبارك آل زعير