دعاوى حقوق الموظفين أمام ديوان المظالم

المحامي والمستشار القانوني مروان آل إبراهيم

دعاوى حقوق الموظفين أمام ديوان المظالم

ورد في أنظمة الخدمة المدنية والعسكرية العديد من الحقوق الوظيفية، منها ما هو ذو طبيعة مالية كالرواتب والبدلات والمكافآت، ومنها ما كانت طبيعته معنوية من إجازات وترقيات وتنقلات وغيرها، ودعاوى الحقوق هي التي تقام للمطالبة بحق مالي، فهي التي تخضع لقضاء الحقوق الوظيفية ويكون المصدر المباشر لها النص النظامي الذي قررها كحق مكتسب للموظف.


أولاً. التعريف بالحق الوظيفي المالي:

ينحصر مفهوم الحقوق في مجال دعاوى حقوق الموظفين أمام ديوان المظالم، في الحقوق المالية التي نصت عليها أنظمة الخدمة (المدنية والعسكرية) كحق مكتسب لقاء وجود الموظف في مركز قانوني خاص (فردي) ينفرد به دون سواه، وهذه الدعاوى دون سواها هي التي قررها المنظم السعودي في الفقرة (13/أ) من نظام ديوان المظالم صراحة، حيث جاء فيها "الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة المدنية والعسكرية والتقاعد لموظفي ومستخدمي الحكومة والأجهزة ذوات الشخصية المعنوية العامة المستقلة أو ورثتهم والمستحقين عنهم".


ثانياً. تمييز دعاوى حقوق الموظفين:

هناك عدة معايير تستخدم لهذه الغاية منها استخدام المعيار المتعلق بطبيعة الحق الوظيفي المالي في أنه "دوري ومتجدد"؛ ويقصد بالدورية أي أن يكون الحق مستحقاً بمواعيد متتالية، أما التجدد فيعني أن ما يؤدى منه في موعده لا ينقص من أصله، إلا أن المعيار الغالب في تمييز دعاوى الحقوق هو مفهوم المراكز القانونية، حيث تُعتبر دعاوى الحقوق دعاوى شخصية لأنها تحمي مركزا خاصاً بالمدعي أي حقاً ذاتياً مكتسباً وبالتالي فإنها تدخل في الولاية الكاملة للقضاء الإداري.

 

 

ثالثاً. نطاق دعوى الحقوق:

على الرغم من أن نص المادة (13/أ) من نظام ديوان المظالم صريحة في تحديد مصدر الحقوق الوظيفية وحصرها ذلك في نظم الخدمة العسكرية والتقاعد، إلا أن القضاء الاداري في المملكة العربية السعودية اتخذ موقفاً أكثر اتساعاً، فقد قضى بأن الحق الذاتي للموظف (المدني أو العسكري) لا ينحصر في نظام محدد بل يستمده صاحبه من أي نظام في الدولة، فجاء في الحكم النهائي رقم (626/ 10/ 1) لعام (1432ه) في القضية (4419/1/ق) لعام (1431هـ) من أحكام ديوان المظالم: "وفي الموضوع وحيث أن المدعي يطالب بصرف أربعة آلاف ريال شهرياً مقابل تكليفه في عضوية لجنة مراقبة وازالة التعديات على الأراضي الحكومية من تاريخ ايقافها عنه عام 1421ه حتى تقاعده، وحيث أقرت الجهة المدعى عليها أن المدعي عمل في هذه اللجنة من تاريخ تكليفه عام 1408ه حتى تقاعده عام 1427ه وحيث نص الأمر السامي رقم 15547 وتاريخ 1/7/ 1402ه في الفقرة 7/ب على (تخصيص مكافأة شهرية لكل عضو من أعضاء اللجنة لا تزيد عن أربعة آلاف ريال ...) وحيث إن القاعدة أن الأجر مقابل العمل والمدعي قد أدى ما كلف به وحيث قال النبي صلى الله عليه وسلم (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) وبناء عليه فإن المدعي يستحق ما حدد لهذا العمل من أجر من تاريخ ايقافها عنه حتى تقاعده".


إلا أن نص الفقرة (13/أ) من نظام الديوان حصرت هذه الحقوق بتلك المقررة في أنظمة الخدمة والتقاعد، مما يعني أنه لا مجال لبحث ما يخرج عن هذه الأنظمة من حقوق، ولا اجتهاد مع النص، وهذا لا يمنع من التظلم بشأن الحقوق المقررة بأوامر خاصة في القانون بدعاوى أخرى كالتعويض أو الإلغاء، ولكن بغير دعاوى الحقوق الوظيفية التي نصت عليها الفقرة (13/أ) فهي قد حصرت هذه الحقوق في الأنظمة التي نصت عليها دون أن تمتد إلى سواها، ولا يعد القانون بمفهومه العام أو الخاص مصدراً للحقوق الوظيفية للعسكريين, بل يجد الموظف حقه الوظيفي مالياً كان أو عينياً، في أنظمة الخدمة والتقاعد دون سواها.

رابعاً: مصدر الحق الوظيفي المالي:

إن مصدر الحق الوظيفي للموظف هي نصوص أنظمة الخدمة ونظام التقاعد، وهي الحدود المرسومة التي حددها المنظم السعودي لهذه الحقوق في مجال الوظيفة العامة مدنية كانت أو عسكرية، ويؤيد هذا الاتجاه أن أحكام ديوان المظالم توالت على ذلك ومنها الحكم رقم الحكم رقم (41/د/ف/13) لعام (1428ه) المؤيد من هيئة التدقيق برقم (374/ت/5) لعام (1428ه) الذي جاء فيه "حيث أن المدعي اصالة ووكالة يطلب الزام المدعى عليها بتسوية الاستحقاق التقاعدي لابنه المتوفى وفقاً لنص المادة 20/أ من نظام التقاعد العسكري وحيث ان هذه الدعوى متعلقة بالحقوق المقررة في أنظمة التقاعد فان ديوان المظالم يختص بولاية الفصل فيها وفقاً لما ورد بالمادة (8/1/أ) من نظامه الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ (17/7/1402ه)".

 

وقد حدد هذا الحكم بدقة مصدر الحق المطالب به قضائياً في أنه من الحقوق المقرر في أنظمة التقاعد، وهو ما يتفق مع نص المادة (13/أ) من نظام الديوان التي قررت الاختصاص بنظر الحقوق المقررة في عدد محدد من الأنظمة وهي: أنظمة الخدمة المدنية وأنظمة الخدمة العسكرية وأنظمة التقاعد، إلا أن أحكام أخرى ذهبت إلى عدم تحديد الاختصاص في دعاوى الحقوق بالنظام المختص كمصدر للحق الوظيفي المطالب به، ومن ذلك ما جاء في الحكم النهائي رقم ( 144/د إ/6/22) لعام (1434ه) في القضية رقم (1763/5/ق) لعام (1434ه) الذي جاء فيه: "لما كان المدعي يهدف من إقامة دعواه الماثلة إلى طلب إلزام المدعى عليها بصرف علاوة مكافحة الإرهاب فإن دعواه حينئذ تكون من اختصاص المحاكم الإدارية ولائياً استناداً للمادة (13/أ) من نظام ديوان المظالم"، وكذلك في حكم آخر صدر لأحد العسكريين المتقاعدين إذ جاء في تحديد اخصاص ديوان المظالم "ولما كان المدعي يهدف من إقامة دعواه الماثلة إلى طلب إلزام المدعى عليها بصرف البدلات والعلاوات التي لم تصرف له وصرف علاوة الخطر خلال الفترة التي لم يصرف له فيها فإن دعواه حينئذ تكون من اختصاص الدائرة ولائياً استناداً للمادة رقم 13/أ من نظام ديوان المظالم".


خامساً. الخاتمة:

إن تحديد النظام الذي يعد مصدراً للحق الوظيفي في أحكام القضاء الإداري، يساعد في تحديد القاعدة القانونية محل الدعوى المراد الحكم فيها، وذلك أولى من تحديده بنص عام استناداً للفقرة (13/أ) من نظام الديوان، أو الخروج عما تقرر في هذه الفقرة من أنظمة، ويقدم مكتب الدكتور مشافي بن ثقفان خدماته القانونية من خلال نخبة مميزة من المحامين والمستشارين القانونيين المختصين بدعاوى الحقوق أمام ديوان المظالم، سواء كانت من الحقوق المقررة في نظم الخدمة المدنية أو العسكرية، وهم على استعداد تام لتقديم الدعم القانوني الاحترافي للمطالبة بحقوقك الوظيفية والحصول عليها.

 

المحامي والمستشار القانوني مروان آل إبراهيم

 

تسجيل الدخول حتى تترك تعليقاً
المسؤولية المهنية للطبيب
المحامي والمستشار القانوني مروان آل إبراهيم